عبد الحكيم محمود – في تقرير نشره موقع “ساينس ألرت” يشرح خبراء من مراكز رصد المناخ ومراقبة درجات الحرارة والهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ وغيرها، الأسباب التي جعلت ٢٠٢٣ أكثر الأعوام سخونة، منذ بدء سجلات درجات الحرارة على كوكبنا. وحذر الخبراء من أن درجات الحرارة القياسية هذه ستزداد سوءا، حتى لو خفضت البشرية بشكل حاد انبعاثات الغازات المسببة لارتفاع درجة حرارة الأرض. من ناحية أخرى، يقول العلماء إن تغير المناخ من صنع الإنسان، وهو يؤدي إلى زيادة قوة ظواهر الطقس الطبيعية لرفع موجات الحر التي تجتاح آسيا وأوروبا وأميركا الشمالية. ووفقا لتحليلات مجموعة “بيركلي إيرث” الأميركية لمراقبة درجات الحرارة، فإن من أسباب ارتفاع درجات الحرارة العالمية، صيف العام الحالي، هو عودة ظاهرة ارتفاع درجة حرارة المحيط الهادي المعروفة باسم النينيو، والتي شهدها العالم سنة ٢٠٢٢ أيضا. وأوضحت المجموعة أن عودة ظاهرة النينيو تشكل ما يقارب من ٨١% من أسباب جعل٢٠٢٣ العام الأكثر دفئًا، منذ بدء تسجيلات مقياس الحرارة منتصف القرن الـ ١٩. وذكر تقرير من المركز الإعلامي للعلوم بالمملكة المتحدة أن احترار المحيطات يؤثر على أنماط الطقس على اليابسة، مما يؤدي لموجات الحر والجفاف في بعض الأماكن والعواصف في أماكن أخرى. يقول ريتشارد آلان أستاذ علوم المناخ في جامعة ريدينغ “الجو الأكثر سخونة يمتص الرطوبة ويطرحها في مكان آخر، لهذا سلط العلماء الضوء على طول وشدة أنظمة الأعاصير المستمرة التي تسبب موجات الحر وتأثيراتها على أنماط الطقس”. ويضيف “عندما تستمر مناطق الضغط المرتفع، الراكدة فوق القارات، يغرق الهواء ويدف، مما يؤدي إلى ذوبان السحب، مما يتسبب في أشعة الشمس الشديدة في الصيف التي تؤدي إلى جفاف التربة، وتسخين الأرض والهواء فوقها، مع استمرار موجات الحر في مكانها لأسابيع”. بدورها، قالت حنة كلوك عالمة المناخ بجامعة ريدينغ “الهواء الساخن الذي يندفع من أفريقيا يظل الآن في مكانه بأوروبا، مع استقرار ظروف الضغط المرتفع، مما يعني أن الحرارة في البحر الدافئ والأرض والهواء تستمر بالتزايد”. وفي تقرير آخر، قالت الهيئة الحكومية المعنية بتغير المناخ “تغير المناخ جعل موجات الحر القاتلة أكثر تواترا وشدة في معظم مناطق اليابسة منذ خمسينيات القرن الماضي”. وقال روبرت فوتارد، مدير معهد بيير سيمون لابلاس للمناخ بفرنسا “موجات الحر ليست ظاهرة واحدة، بل العديد منها يعمل في نفس الوقت، لكن جميعها يعززها عامل واحد، حيث تجعل درجات الحرارة العالمية المرتفعة موجات الحرارة أطول وأكثر حدة رغم كونه المحرك الرئيسي، فإن تغير المناخ هو أحد المتغيرات التي يمكن للبشر التأثير عليها من خلال تقليل الانبعاثات من الوقود الأحفوري”. وحول الأوضاع المقلقة لموجات الحر الشديدة، قالت ميليسا لازنبي، كبيرة المحاضرين في مجال تغير المناخ بجامعة ساسكس “نحن ننتقل من التذبذبات الطبيعية المعتادة والمعروفة للمناخ إلى منطقة مجهولة وأكثر تطرفا. ومع ذلك، لدينا القدرة على الحد من تأثيرنا البشري على المناخ والطقس وعدم خلق موجات حر أكثر تطرفا وطويلة الأمد”. وفي تقريرها التحليلي لأسباب موجات الحرارة الشديدة صيف هذا العام، حذرت مجموعة “بيركلي إيرث” من أن ظاهرة النينيو الحالية قد تجعل الأرض أكثر سخونة عام ٢٠٢٤. وقالت الهيئة الحكومية الدولية، المعنية بتغير المناخ أيضا، إن موجات الحر قد تزداد تواترا وشدة، رغم أن الحكومات يمكن أن تحد من تغير المناخ عن طريق الحد من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري في بلدان العالم. يقول سايمون لويس، رئيس قسم علوم التغيير العالمي في جامعة لندن “هذه مجرد البداية، فالتخفيضات العميقة والسريعة والمستدامة بانبعاثات الكربون إلى الصفر الصافي يمكن أن توقف الاحترار، ولكن سيتعين على البشرية التكيف مع موجات الحر الشديدة في المستقبل”.
