د. مصطفى سليمان – بعدما زعمت الرأسمالية الديموقراطية انها تقود العالم نحو ارقى نوع من الحضارة الانسانية بالحرية والاخاء والمساواة وبالحكومات الديوقراطية، وبالرفاه الاقتصادي والاجتماعي، وبالتطور العلمي الذي انتج علم الذرة والمعلوماتية وصولا الى الذكاء الاصطناعي.. وغزا الفضاء حتى انتصر في “حرب النجوم” على “الشيوعية” وعلى اخطر عدو من اعدائه وهو الاتحاد السوفياتي والدول الاشتراكية فانفرط عقد حلف وارسو ودول “المنظومة الاشتراكية” ولم يبق منها الا القليل مع روسيا لتشكل الاتحاد الروسي الذي اعلن انتماءه الى النظام الرأسمالي وانصاع له وحاول جاهدا الانخراط فيه..
وفي الجبهة الاخرى حيث كانت حركات التحرر في “البلدان النامية” او بلدان “العالم الثالث”
وعبثا حاولت تلك البلدان ان تسمي نفسها “كتلة عدم الانحياز” لتأخذ موقعا وسطا في “الحرب الباردة” بين المعسكرين الرأسمالي والشيوعي، وانتظمت فيها “بلدان آسيا وافريقيا واميركا اللاتينية” بزعامة عبد الناصر .. وشكلت هذه الكتلة الاكثرية الساحقة في اجتماعات “الجمعية العامة” في “الامم المتحدة”، وما زالت هذه الاكثرية قائمة حتى الان، كما ظهر اخيرا في قرارها لوقف حرب الابادة التي شنتها اسرائيل العنصرية على الفلسطينيين في غزة بعد عملية “طوفان الاقصى” دفاعا عن القدس ..
عندما تراجعت حركة التحرر العالمية بعدما اصبحت وحدها في الميدان وتفتتت كما ظهر في حالة البلدان العربية وانسحاب منظمة التحرير الفلسطينية من الكفاح المسلح لتحرير فلسطين فاعترفت بدولة اسرائيل التي تحتل ارضها منذ ١٩٤٩ وتقيم عليها دولة ابادة عنصرية، وقبلت بسلطة تحت الاحتلال، تقوم شرطتها بقمع وسجن واحيانا قتل الفلسطينيين المؤيدين للمقاومة التي تنفجر او تتظاهر سلميا، بين الحين والاخر بوجه الاحتلال!
لتبقى فلسطين البلاد الوحيدة الخاضعة للاحتلال في العالم..
وليخضع العالم باسره تقريبا لسلطة الرأسمالية الامبريالية الاميركية!
وفي هذه الظروف العالمية اطلقت الرسمالية فلسفة “العولمة” و”صراع الحضارات” و”نهاية التاريخ” بعد انتصار الحضارة الرسمالية على سائر الحضارات لتعلن نهاية التاريخ واسدال الستارة!
هنا لم ينته التاريخ! بل بدأت المرحلة الهامة في التاريخ الجديد، لتشهد نهاية الرأسمالية المستبدة بيدها..
.. وقررت تفليس الدول والمؤسسات وحلها لمصلحة الرأسمالية واحتكاراتها فقررت مبدأين وسياستين هما: الخصخصة اي تمليك قطاعات الدولة والمجتمع لاصحاب رؤوس الاموال اي المال الخاص، والغاء الوظيفة العامة ونظام الاجور والضمانات الديموقراطية اي انقلاب الديموقراطية على ذاتها! وهذه بداية الانتحار وانهاء ذاتها بذاتها!
ان هذا العقل الرأسمالي لم يستطع ان يحفظ التوازن الذي امسك به دون منازع على الصعيد العالمي والمنظمات الدولية التي ادارها زهاء عشر سنوات بدون منازع.. بين ١٩٩٠ و٢٠٠٠
وهنا اصابه الغرور الرأسمالي والانفجار الربوي للفكر كما للمال..
فاخذ يتصرف كالمراهق وقبضاي الحارة الذي لا يجد من ينافسه فيفتش كل يوم عن مشكل..
وهنا استفاقت عقيدة الرأسمالية الاحتكارية العنصرية التي تقوم على الحصار والابادة والكذب واختلاق الذرائع كما حصل في ١١ ايلول ٢٠٠١، إذ انه في اواخر أب واول ابلول ٢٠٠١ كان هناك مؤتمران دوليان متزامنان للحكومات وللمنظمات غير الحكومية في جنوب افريقيا وقد صوتا كل على حدة باجماع منقطع النظير ضد سياسة التمييز العنصري والاحتلال والابادة التي تمارسها اسرائيل واميركا،
فانسحبتا غاضبتين من الجلسة الختامية وهددتا العالم باوخم العواقب!؟
وبعد عشرة ايام بدأت الخطة الف، او السيناريو رڨم واحد..
وبدأت حملات الابادة العنصرية والتوحش المسعورة والغزوات والحروب الساخنة المدمرة من البحر والجو والبر بدءا من افغانستان ٢٠٠١ الى العراق ٢٠٠٣ والسودان وليبيا وسوريا واخطرها حرب اوكرانيا،
هكذا تمضى الرأسمالية بديموقراطيتها الكاذبة الى حتفها بكل قواها المالية والسياسية والعسكرية.. فاقدة توازنها، مضيعة فرصة العولمة التي خدعت كل الدول فخنعت لها بدون حرب، لكنها بغرورها وهوجها العنصري المتعود على ابادة الشعوب واستعبادها من الهنود الحمر الى استراليا وافريقيا وفلسطين، بهذه الطباع الدموية والاحتكارية لم تحفظ توازنها وقيم العلم والعدالة الانسانية فانقضت على الشعوب بسلاحها واساطيلها وقواعدها المنتشرة وفي هذا كله انتحارها واندثارها السريع.
ان هولوكست غزة وفلسطين والف مجزرة في شهر تقتل اطفال غزة وفلسطين بسلح صهيوني اميركي اوروبي هو انتحار، وهو ما يعجل بحتف الرأسمالية وانتصار الشعوب المظلومة.. التى ترى اطفالها تنتشل من تحت الردم في غزة!
